Mustapha Ben Jaafar

 

أي درس في ذكرى وفاة بورقيبة ؟؟

بقلم مصطفى بن جعفر

بمناسبة الذكرى الثامنة لوفاته لا بد، إضافة لما يتطلبه الظرف من ترحم وخشوع، أن نتوقف عند بعض المحطات المؤشرة للمشروع الذي أراد وضعه من خلال برنامجه السياسي عسانا نتستخلص منها دروسا تنفع البلاد والعباد اليوم وقد أصبحت مسألة الحريات والديمقراطية مسألة تشغل الرأي العام وعنصرا محوريا في تطور الأنظمة السياسية في العالم. ومرتكزا رئيسيا في العلاقة بين الدول الديمقراطية وغيرها من الدول ذات الأنظمة التسلطية ويقطع النظر عن درجة التسلط فيها.

فإبان الاستقلال وإثره مباشرة، كان بورقيبة والفريق العتيد الذي كان ملتفا حوله أمام تحديات جسام : التخلص من رواسب الاستعمار، بناء الدولة الجديدة، تونسة الإدارة، مقاومة الفقر والأمية والبطالة، جلاء القوات الاجنبية.. إلا أن كل هاته المهام التي أنجز منها الكثير لا تبرر بأية حال غياب الحريات وقمعها، ولكنها أعطت للدولة القدرية ركيزة شعبية واسعة، إضافة الى أن الوضع في تونس كان متقدما بشكل ملموس بالنسبة لما كان سائدا المنطقة ومتناغما.

من حيث طبيعة النظام السياسي مع ما يجرى في أغلب البلدان حديثة العهد بالاستقلال ومع أنظمة الحزب الواحد التي انتهى جلها الى إرساء الاستفراد بالحكم واحتكار كل مجالات الحياة السياسية لفائدة مجموعة تقلص حجمها مع مرور الزمن الى حد القطيعة مع المجتمع. ولا شك أن التاريخ والأجيال الصاعدة ستحسب لبورقيبة ورفاقه، إضافة الى القفزة النوعية والكمية في مجال التنمية بمفهومها الشامل، ما حققته مجلة الأحوال الشخصية من ثورة اجتماعية جعلت هذه المجلة – التي تواصل نفسها وتطورت مع الرئيس بن علي – مرجعا أساسيا وثابتا لم تتلاعب به الأيادي حسب ظروف وتقلبات المناخ السياسي.

أما الجانب السلبي فيخص تكلس النظام السياسي في نهاية الستينات وبداية السبعينات حيث طغت الانتهازية.

لقد كانت للرجل، قبل الاستقلال وبعده، مواقف سياسية تاريخية في السياسية الداخلية كما في العلاقات الخارجية، أثبتت أن له نظره ثاقبة مكنته من استباق الاحداث واختيار التحالفات بشكل يضمن حماية تونس من المخاطر المحدقة بها، لكن بورقيبة، رغم ما كان له من خصال، بشر أصاب في العديد من اختياراته ومواقفه ولكنه أخطأ عندما لم يرد تحرير المؤسسات من بوتقة نفوذه ووضع أسس السلطة المضادة التي، لو وجدت، لمكنت من تكريس نظام جمهوري حقيقي ولمكنت من حماية بورقيبة من نفسه… فعسى أن نتعلم جميعا من التاريخ…

Comments are closed.