بورقيبة يرفع العلم فوق ثكنة باب سعدون

عن جريدة العمل 19 مارس 1957

الرئيس بورقيبة يرفع العلم فوق ثكنة باب سعدون ويقول في خطابه يوم 18 مارس 1957

« رائــدنا العــزة وحماية الوطــن »

زار الرئيس بورقيبة صباح أمس ثكنة باب سعدون حيث سلم الجيش التونسي بها (علم الجيش) مطرزا بالذهب بصفته وزير الدفاع القومي.

وقد ألقى الرئيس خطابا هاما ننشره في ما يلي :

« أيها الضباط، أيا الجنود البواسل، يا حماة الحمى… حمى تونس الحرة المستقلة. في هذا اليوم باسم الحكومة التونسية المحرزة على ثقة الشعب التونسي سأسلم لكم العلم التونسي للفوج الاول من الجيش التونسي.كلكم تعلمون بان هذا العلم هو رمز لتونس بكل ما تحمل لفظة الوطن من معان تدل على مجد قديم ثم انحطاط وضعف وذل وهوان ثم بعث جديد ثم كفاح مستميت ثم تضحية ونكران ذات وشهداء ودماء من أجل إرجاع ذلك المجد واسترجاع تلك الكرامة وفي هذا اليوم المبارك الذي تجسمت فيه هذه الكرامة التي استرجعت مع المجد الغابر الذي بعث وأتمنى أن يعدل ويفوق مجد الأجداد. في هذا اليوم نسلم لكم أمانة في أعناقكم وهو الوطن المتجسم في هذه القطعة من القماش الأحمر والأبيض، سنسلم لكم هذا الوطن أمانة لتحافظوا عليه وتدافعوا عنه حتى لا تمسه يد العدوان وحتى لا يتدهور مثلما تدهور في سابق الأزمان فتكونوا انتم حماته حينما تساور نفس فرد أو دولة لكي تضع يدها أو تمس كرامة هذا الوطن وتكونوا أنتم المدافعون عنه. كما دافع عنه الشعب بتمامه وكماله شيبا وشبانا، نساء ورجالا. حتى مكنونا من هذا اليوم الذي نملك فيه جيشا كبقية الدول الحرة.

فيجب على هذا الجيش أن يقوم بواجبه نحو الرجال والنساء الذين كافحوا أيام الجهاد وربما استشهد البعض منهم ولم يتسن له أن يشاهد هذا اليوم ولكنه مات ليجيء هذا اليوم وقد جاء. وواجبكم أن تتذكروا هؤلاء الناس والدماء التي سالت والدموع والاضطهادات والمصائب والكوارث والمحن التي قاسيناها جميعا تتذكرونها لا لتكون سببا في الاحقاد والضغائن، وانما تتذكرونا لكي تعرفوا ان واجبكم عظيما ومسؤوليتكم جسيمة وهي العمل حتى لا نرجع الى ما كنا فيه من ذل وهوان، وتتوحد الصفوف ونقرب بين القلوب ونؤلف بين الأدمغة، فنكون منسجمين مع بعضنا غايتنا النظام والكرامة والعزة وسلامة الوطن.

وهذه هي جميع المعاني التي تتجسم في هذا العلم الذي سيبقى أمانة وطنية في أعناقكم. والوطن كله تحت إشرافكم بمعنى أنكم الأسود التي نعتمد عليها عند الملمات. وهذا نعتبره شرفا عظيما يمنحني إياه القدر لأقدم لكم هذا الرمز – رمز الوطن – ليكون أمانة عندكم ليكون دائما وأبدا مرفوعا. وعندما يرتفع العلم يكون كل فرد من أفراد الأمة التونسية مرفوع الرأس.

ان الشرف والعزة اللذين يتمثلان في هذه القطعة من القماش هما شرف وعزة الأمة والشعب والوطن أي نحن جميعا بتمامنا وكمالنا.

هذا كله نضعه أمانة في أعناقكم (أمانة الله رب العالمين) فأدوا الأمانة على وجه الأكمل، وإن شاء الله سنرى منكم كما سيرى الوطن كل ما يسره ويرفع رأسه إلى عنان السماء.

والسلام عليكم ورحمة الله.

 

Comments are closed.