محمد مزالي يتحدث عن انتفاضة الخبز 1984
أقول مؤامرة ولا أقول ثورة الخبز.
نعم كانت مؤامرة في كل شيء، في تخطيطها وفي تنفيذها وفي الأمل في جني ثمارها. صممتها ونسقت بين أطوارها وسيلة بورقيبة بالتعاون مع وزير الداخلية إدريس قيقة وعدد من أصدقائها في الدولة والحزب الحاكم، وكان الغرض من هذه المكيدة النيل من مكانة الوزير الأول بإثارة الغضب الشعبي ضده، وبث الاضطرابات، وإشعال نار الفتن، وكل ذلك لإقناع بورقيبة بأن البلاد غير ممسوكة وأن الوزير الأول لا يتمتع بثقد الجماهير…
…بدأت الإضطرابات يوم الخميس 28 ديسمبر 1983 في ولاية قبلي – وكان على رأسها الوالي محمد حفصة أصيل قصر هلال والمشهور بالعلاقاته الطيبة مع « الماجدة »، وبالتحديد في دوز وكأنها قد حيكت بقدرة قادر من وراء ستار. وتجددت بقبلي نفسها يوم الجمعة 29 وتواصلت بسبيطلة ثم تالة وفريانة من ولاية القصرين والحامة وطبلبو من ولاية قابس من يوم السبت 31 وفي مناطق أخرى عديدة. وفي يم الأحد غرة جانفي 1984 كانت قفصة مسرحا لمظاهرة كبيرة عمها الاضطراب والفوضى لأن قوات الأمن وجدت نفسها دون… ذخيرة، وحتى دون أسلحة بما أن الوالي تلقى، منذ اللحظات الأولى من الأحداث، تعليمات من المدير العام للشركة توصي بتجريدهم من السلاح وحفظه في مكان مشدد الحراسة.
وفي 3 جانفي 1984 عمد المتظاهرون في العاصمة وضواحيها، وقد انتهز عدد من الطلبة والبطالين الوضع فركبوا الموجة بها من بعض جهات السلطة بأنها انتفاضة الحديد. فلا يمكن أن ننعت هذه الظاهرة الموحى بها من بعض جهات السلطة بأنها انتفاضة الحديد. فلا يمكن أن ننعت هذه الظاهرة الموحى بها من بعض جهات السلطة بأنها انتفاضة شعبية… كيف لا وقد شلت قيادة البوليس قصدا حركة قوات الأمن وذلك بالامتناع عن إعطائهم التعليمات الضرورية، والكف عن تعبئتهم وتجريد أعداد كبيرة منهم من السلاح…
…وعندما فشلت مساعي الحوار خير محمد مزالي المواجهة، وكانت البداية بتشجيع الانشقاق داخل المنظمة النقابية بإحداث نقابة منافسة للاتحاد، ثم بالاستيلاء على المقرات النقابية من قبل ميليشيات مجهولة، وانتهى الأمر بإيقاف عدد كبير من النقابيين والزج بالحبيب عاشور في السجن، ولكن تأزم الوضع الاقتصادي والشبهات التي حامت حول محمد مزالي بربط الصلة سرا بالإسلاميين عجلت بعزله في 8 جويلية 1986 وتعويضه برشيد صفر.
نورالدين الدقـي
(من كتاب : تونس من الإيالة إلى الجمهورية 1814 – 2014)