من روزفالت إلى المنصف باي

من روزفالت إلى المنصف باي

 

على إثر نزول جيوش الحلفاء في شمال أفريقيا في 8 نوفمبر 1942 سلم المقيم العام الفرنسي الأميرال استيفا رسالة من المارشال بيتان رئيس الدولة الفرنسية موجهة الى سمو الباي محمد المنصف يدعوه فيها الى حسن استقبال جيوش المانيا وإيطاليا أسوة بموقف حكومة فيشي.

في نفس الوقت سلم إليه الأميرل استيفا رسالة من الرئيس. فرنكلان روزفالت رئيس الولايات المتحدة الأمريكية مؤرخة في 7 نوفمبر هذا نصها :

حضرة صاحب السمو،

« إني لا أجهل ما يتعرض له الشعب التونسي الأبي من صعوبات جسام، من جراء سير العمليات الحربية. كما أعلم أن بلادكم مهددة من كل جهة بالأخطار التي لم تغرب عن بالنا أبدا واحسراتاه »

فقد أصبح شعبكم فريسة لجشع الألمانيين والإيطاليين الذين سلبوه من أدنى المواد الضرورية لحياته وفرضوا عليه العوز والاحتياج.

وقد علمت الآن أن نفس أولئك الألمانيين والإيطاليين لم يقتنعوا بما يقومون به من أعمال النهب بل أنهم يسعون الى احتلال بلادكم وتخريبها بتمامها وكمالها، محاولين أن فرضوا وضعا قوامه البؤس والشقاء على شعبكم الأبي الذي لن يخضع له أبدأ، حسب اعتقادي، وأني قد أصدىت أوامري الى القوات الأمريكية التي لن تقهر أبدا للتوجه إلى شمال إفريقيا والتعاون مع القوات الفرنسية ومعكم أيضا من أجل الدفاع عن بلادكم، رئيس لها من غاية أخرى سوى تحطيم عدونا المشترك في أسرع وقت ممكن.

إن هذه القوات والقوات الحليفة تثق بأنكم لن تتردوا في السماح لها بعبور البلاد التونسية بكل حرية حتى تتمكن من القيام بمهمتها المتمثلة في إبعاد قوى الشر عن شمال افريقيا.

هذا وإن ارتقاءكم الى الحكم منذ عهد قريب، وما عبرتم عنه من رغائب في سبيل رفاهية شعبكم الذي أثق فيه تمام الثقة، إن كل ذلك لا بدع مجالا للشك فيما ستسفر عنه الاجراءات التي سنتخذها معا في مجال الدفاع المشترك، من نتائج سريعة وملائمة. صديقكم الحميم فرنكلان روزفلت، تحريرا في 7 نوفمبر 1942″.

قد اجتمع في قصر المرسى وزراء سمو الباي وعدد كبير من رجال الدولة الأمير حسين باي ومحمد العزيز الجلولي شيخ مدينة تونس والجنرال الصادق مدير المراسم، وذلك بمحضر الباي، وأخذوا في دراسة الوضع منذ تسليم جلالة الملك. ورأى أغلب الحاضرين أنه من الأفضل اتخاذ موقف سلبي وتوخي الحذر. ولم يشذ عن هذا الرأي سوى الأمير حسين باي ومحمد العزيز والجنرال الزمرلي الذين أكدوا الضرورة الملحة التي تمليها قواعد الآداب كذلك محصلة البلاد، وهي تقضي الرد على رسالة الرئيس روزفلت.

أما أن الأغلبية لم توافق على هذا الاقتراح، فقد كان من اللازم إجراء مفاوضات بذلك وأخيرا بعد تدخل الرئيس محمد شنيق والدكتور محمود الماطري وهما البادي، كلف سيدي المنصف الجنرال الزمرلي بتحرير الجواب المتقرح.

12 نوفمبر 1942 سلم الرد على هذه الرسالة الى رئيس مكتب المقيم العام المراسم.

إن الأميرال استيفا الذي يعتبر حسب مقتصيات الحماية الفرنسية وزير استلم الرسالة ولم يبلغها الى الرئيس روزفلت وهذا نص الرد:

الرئيس،

تفضلتم ضمن رسالتكم المؤرخة في 7 نوفمبر الجاري بطلب حرية مرورالعربات الامريكية عبر التراب التونسي.

اننا نتشرف بإعلامكم أن حوادث الأيام الأخيرة تفرض علينا وجوب الأم الحرب، وأنا شعورا منا بمسؤوليننا وحرصا على اتخاذ موقف مماثل  التجارية، نرى من واجبنا أن نعبر لكم رسميا عن أملنا في بقاء هذه البلاد أمنا.

ونوافيكم بهذا الجواب، نؤكد لكم أننا أعربنا عن نفس تلك الرغبة للجميع :

رد المنصف باي

ونحن عن يقين من أن الشعب التونسي والعالم الاسلامي يشيد الموقف العادل والانساني الذي ستتفصلون باتخاذه في هذا

وأننا نغتم هذه الفرصة لشكركم على ما عبرتم عنه اتجاه شخصينا.

والله نسأل أن يمن على البشرية التي تعاني من ويلات

والسلام ».

وفي نفس الوقت وبنفس الطرق وجهت الرسالة الى ملك انجلترا وفيكتور إيمانويل الثالث ملك إيطاليا وأدولف

« اعتبارا لما يتهدد التراب التونسي من تحول الى  منا شعورا تماما بسيادتنا ومسؤوليتنا، نرى لزاما علينا إبقاء هذه البلاد خارج النزاع.

وأملنا وطيد في تفهمكم لحرصنا على تجنيب    يقين من أن الشعب التونسي والعالم الاسلامي بأسره سيقدر القرار الذي ستتخذونه في هذا الشأن.

 

Comments are closed.