محمد ضيف الله أضواء على الحــركة اليوسفيــة

أضواء على الحــركة اليوسفيــة

د. محمد ضيف الله

جريدة الصباح، أفريل 2005

نشير خاصة الى أنهما درسا في باريس وفي كلية الحقوق نفسها لكن الاختلاف بينهما يتمثل في أن بورقيبة عرف باريس في أواسط العشرينات عندما كان الطلبة التونسيون يعيشون فرادي ولا وزن ديمغرافي لهم، بينما عاش صالح بن يوسف في باريس في بداية الثلاثينات بعد أن تأسست جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين التي أعطت للوجود الطالبي التونسي والمغاربي معنى جديدا. ثم عاش الرجلان في القاهرة، وإذ عرفها بورقيبة غداة نكبة 1948 فـإن صالح بن يوسف عرفها بعد ثورة 23 يوليو 1952 وما أحدثته من زخم ثوري ترددت أصداؤه في أنحاء المعمورة كلها.

ومن المثير حقا أن ذلك الصراع قد استعملت فيه كل الوسائل، بما فيها استعانة بعدو الأمس المتمثل في الجيش الفرنسي والميلشيات المسماة لجان الرعاية التي تولاها – للمفارقة – مقاومون وجهوا أسلحتهم هذه المرة إلى رفاق الأمس. واستمرت التصفيات  عبر الاغتيالات والترهيب والمحاكمات السياسية بتهمة التآمر على الاغتيال القتل الخ، ولم تتوقف ماكينة التصفية عند اليوسفيين وإنما امتدت التضييقات بعدهم الى أقدم الاحزاب في البلاد متمثل في الدستور القديم الذي توقف تماما عن الحراك حوال عام 1960 وانتهى في هدوء تام الى الأبد، ثم أتى الدور على  الحزب الشيوعي من بعده عندما صدر في جانفي 1963  الأمر بإيقاف نشاطه. وبذلك فان الصراع اليوسفي البورقيبي كان من ضحاياه التعددية السياسية والحزبية والفكرية في البلاد.

 إلا أن إضافة اليوسفية تتمثل في أنها دفعت تونسيين عديدين إلى النضال في صفوف الثورة الجزائرية انطلاقا من مقولة التحرر في إطار المغرب العربي ووحدة المصير، فقد امتشق مقاومون عدة السلاح من جديد إلى جانب الجزائريين، وتحركوا على طول الحدود بين البلدين في وحدات مشتركة تجاوز عددها الخمسين وتعدادها الألفي مقاوم.

فشكلت تونس القاعدة الخلفية للثورة الجزائرية، ليس فقط من خلال احتضانها ما بين 12 و15 ألف مقاتل من جيش التحرير الوطني الجزائري عام 1960. وهو ما يفوق عدد الجنود التونسيين في تلك الفترة. كما وجدت الثورة الجزائرية قاعدة خلفية لها في ليبيا وفي المغرب الاقصى أيضا حيث بلغ عدد مقاتلي جيش التحرير الوطني الجزائري 9850 عام 1962.

 

Comments are closed.